العقد والبناء
إنما جعلتْ العقود في الشريعة الإسلامية لضبط العلاقات بين الناس، وحفظ الحقوق المترتبة عليها، وحتى يكون هناك يقين من تحقق الرضا، وانتفاء الغش والغرور والخداع، وعلى هذا فإن عقد الزواج هو اتفاق بين رجل وولي المرأة على الزواج، وبه يحل لكل من الرجل والمرأة كل ما كان محرمًا
عليهما -مما يتعلق بالزواج- من قبل.
وللعقد ركنان أساسيان يجب توافرهما لصحة الزواج، وهما: الإيجاب والقبول. والإيجاب: هو تعبير الطرف الأول عن رغبته في إنشاء الصلة الزوجية. والقبول: هو موافقة الطرف الآخر على هذا الزواج. فالزواج ينعقد بلفظين يعبر بهما عن الماضي والمستقبل، كأن يقول الرجل: زوجني ابنتك فلانة. فيقول الولي: زوجتك إياها، أو يقول الولي: زوجتك ابنتي فلانة، فيقول الآخر: قبلتُ زواجها.
ولأن الإسلام دين عالمي، يراعي كل البيئات والأجناس والأحوال، فإن العقد ينعقد بأية لغة مادام يفهمها كل من المتعاقدين والشهود. كما أن الذي لا يستطيع الكلام يمكنه الكتابة أو حتى التعبير بالإشارة المفهومة، وحفاظًا على طرفي العقد (الرجل والمرأة)، وحرصًا على حقوق كل منهما، فقد اشترطت الشريعة الإسلامية بعض الشروط لصحة عقد الزواج، هي:
1- ولي المرأة: وهو من يتولى شأنها وشأن تزويجها، وقد يكون الوالد أو الأخ أو من في حكمهما من الأقارب، (من ناحية الأب، إذا لم يوجد الأب أو الأخ) ممن يسعى لمصلحة موكلته، ويحرص على سعادتها. قال صلى الله عليه وسلم : (لا نكاح إلا بولي، وأيما امرأة تزوجتْ بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فإن لم يكن لها ولي، فالسلطان ولي من لا ولي له) [أبو داود].
وفي اشتراط الولي إعزاز للمرأة، وتقدير لها، وصون لحيائها عن مباشرة عقد الزواج بنفسها، وقد تحكِّم المرأة عاطفتها في أمر الزواج بمن يعرض عليها حبه والرغبة فيها، أما الولي فإنه يفحص الرجل، ويتحقق من حاله، ويتأكد من كفاءته لموكلته، ولذلك فقد رأى بعض الفقهاء أنه يحق للولي أن ينقض عقد الزواج إذا زوجت المرأة نفسها بغير كفء.
2- رضا كل من الرجل والمرأة بالزواج والارتباط: فلا يصح العقد بإكراه أي منهما على الزواج، ولذا فلا يجوز للولي أن يُكره موكِّلته على الزواج، قال صلى الله عليه وسلم: (لا تنكح الأيم حتى تُستأمر، ولاالبكر حتى تُستأذن) قالوا: يا رسول الله. وكيف إذنها ؟ قال: (أن تسكتْ) [الجماعة].
وعن بريدة -رضي الله عنه- قال: جاءتْ فتاة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن أبى زوَّجني ابن أخيه ليرفع بي خسيسته. قال: فجعل الأمر إليها. فقالت: قد أجزتُ ما صنع أبي، ولكن أردتُ أن أُعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الأمر شيء [ابن ماجه]. وهكذا يكرم الإسلام المرأة ويرفض إكراهها على الزواج.
3- الإشهاد على الزواج: وتتحقق الشهادة برجلين مسلمين عاقلين بالغين يتصفان بالعدالة والأمانة، ولا تجوز شهادة النساء عند بعض الفقهاء. قال صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل، وما كان من نكاح على غير ذلك فهو باطل)_[الترمذي]. وعلى الشاهدين أن يستمعا إلى كلام العاقدين، ويتحققا من صحته. وفي الشهادة تكريم للزواج، وتفرقة بين الحلال والحرام، ودفع لمقالات السوء عن هذه الحياة الزوجية الناشئة.
وهذا نوع من توثيق الحقوق وحفظها، وأما كتابة عقد الزواج، وتوثيقه في المحكمة، فهذا مما استحدث لتأكيد حقوق الزوجية؛ حتى لا يأتي الزوج يومًا وينكر زواجه؛ رغبة في كيد زوجته والتخلي عنها، فمن الناس من انعدمت الأخلاق عنده، ومنهم من لا دين له.
4- أن تكون صيغة العقد مؤبدة: غير مؤقتة بزمن، وهذا التأبيد فيه قيام مصلحة الحياة الاجتماعية، فالأسرة التي ستنشأ تحتاج إلى استقرار العيش وديمومته، أما تأقيت العقد فيجعل كلا الطرفين غير مستقر، فلا تدوم العشرة بينهما،ولهذا فإن نكاح المتعة باطل، ومحرم شرعًا؛ لأنه مؤقت بزمن معين. كما يشترط في صيغة العقد أن تكون مُنجزة غير معلَّقة على شرط يمنع انعقاد العقد، كأن يقول الولي: زوجتك ابنتي، فيقول الآخر: قبلت زواجها إذا تسلمتُ وظيفتي، فذلك يبطل العقد.
5- ألا تكون المرأة مُحرََّمة على الرجل .
الشروط المقترنة بالعقد:
يجوز للمرأة أن تشترط على زوجها شروطًا في العقد، وعليه الوفاء بها، فالمسلمون على شروطهم إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرم حلالا. قال صلى الله عليه وسلم: (أحق الشروط أن يُوفى به ما استحللتم به الفروج) [متفق عليه]. فلها أن تشترط عليه أن يهيئ لها بيتًا مناسبًا. بينما لا يجوز لها أن تشترط شرطًا يسقط حقًّا من حقوق الزوج، كأن تشترط عليه ألا يجامعها، فترهقه، وتحرمه من الولد.
إعلان النكاح وما يباح فيه من الغناء:
رغَّب الشرع في إعلان الزواج؛ ليختلف عن نكاح السر المحرم، وحتى يعلم القريب والبعيد، وليكون ترغيبًا لسائر الشباب في الزواج. قال صلى الله عليه وسلم: (أعلنوا النكاح) [أحمد، والحاكم].
وفي بعض المجتمعات يتم العقد في المساجد عقب إحدى الصلوات؛ حيث يكون الناس متوضئين، ولعل دعواتهم للزوجين تقبل عند الله -عز وجل- ويجب ألا يسيء ذلك إلى المسجد ووقاره وآدابه؛ كأن ترتفع الأصوات أو غير ذلك. ويجوز الغناء للعروسين، بشرط ألا يكون الغناء مثيرًا للغرائز والشهوات، وأن لا يختلط الرجال بالنساء، فتغنى المرأة للنساء، والرجل للرجال، وأن لا يكون في المقام ما حُرِّم، كشرب الخمر، أو ميوعة المغنى، فعن عامر بن سعد -رضي الله عنه- قال: دخلتُ على قرظة بن كعب، وأبى مسعود الأنصاري في عرس، وإذا جوارٍ يغنين، فقلتُ: أنتما صاحبا رسول الله ومن أهل بدر يُفعل هذا عندكما؟! فقالا: إن شئت فاسمع معنا، وإن شئتَ فاذهب. قد رُخِّص لنا في اللهو عند العرس. [النسائي، والحاكم ].
الزَّفَّاف:
حفلة الزفاف إظهار للسعادة والفرح بالعرس، وفيها زيادة إعلان بالزواج، ويجوز الغناء واللهو المباح فيها. فقد زفَّت السيدة عائشة -رضي الله عنها- الفارعة بنت أسعد -رضي الله عنها- وسارت معها في زفافها إلى بيت زوجها نبيط بن جابر الأنصاري، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(يا عائشة، ما كان معكم لهو؟! فإن الأنصار يعجبهم اللهو)_[البخاري].
وفي رواية أنه قال: (فهل بعثتم معها جارية تضرب بالدف، وتغني؟) قالت عائشة: تقول ماذا يا رسول الله ؟ قال: تقول:
أتيناكـم أتيناكـــم فحيونـــا نحييكــــم
ولولا الذهب الأحمــر ما حلَّتْ بواديكــــــم
ولولا الحنطة السمــراء ما سمنت عذاريكـــــم
وقد أباح الشرع استخدام الدف في العُرس، قال صلى الله عليه وسلم: (فصل ما بين الحلال والحرام: ضرب الدف، و الصوت في النكاح)
[الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والحاكم].
أما ما يفعله بعض الناس من إقامة السرادقات، وجلب المطربين والراقصات، وشرب المسكرات، واختلاط الرجال بالنساء، والفتيات بالفتيان اختلاطًا فاحشًا، وجلوس الرجل بجوار عروسه المزينة، والناس ينظرون إليها، فتلك أمور لا يقرها الشرع، ولا يعترف بها، وحرمها، وأمر بالبعد عنها. وعلى من يحضر عرسًا كهذا أن ينكر على أهله هذا الأمر بالحكمة والموعظة، فإن رأى أنه سَيَعْجَزُ عن إنكار المنكر، فليعتزل هذا العرس.
دعوة الأهل والإخوان لحضور العرس والوليمة:
على المسلمة أن تحرص على دعوة الأهل والأصدقاء لحضور عرسها، لما في ذلك من تقوية أواصر الصداقة والمحبة، ودعم روح الألفة والتعاون بين أفراد المجتمع. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بإجابة الدعوة إلى العُرْس، فيقول صلى الله عليه وسلم: (أجيبوا هذه الدعوة إذا دعيتُم لها)_متفق عليه] .كما أمر بإجابة الدعوة إلى الوليمة، فقال: (إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليأتها) [البخاري]. ووليمة العرس سنة مؤكدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيها إظهار لروح السعادة والبهجة بالزواج، وتستحب الوليمة قبل البناء أو بعده. وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- أن يعد وليمة لإخوانه لما علم بزواجه، فقال له: (أوْلِمْ ولو بشاة). [مسلم].
ويجب على المسلم أن لا يهمل دعوة الفقراء إلى وليمته التي دعا إليها الأغنياء؛ دعمًا لروح التعاون والأخوة في المجتمع المسلم، فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من دعوة الأغنياء دون الفقراء، فعن أبى هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: (شرُّ الطعام طعام الوليمة، يُدْعَى لها الأغنياء، ويترك الفقراء، ومن ترك الدعوة فقد عصى اللَّه ورسوله صلى الله عليه وسلم ) [البخاري].
وقد أجاب النبي صلى الله عليه وسلم الدعوة إلى عُرْس أبي أسيد الساعدي، وشرب منقوع التمر. [البخاري]. ويستحب ذهاب النساء والصبيان إلى العُرْس، على أن تجتنب النساء الاختلاط الفاسد بالرجال؛ فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صبيانًا مُقبلين من عُرْس، فقام مُمثلا (قائمًا)، فقال: (اللهم أنتم من أحبِّ الناس إِلَيَّ.. اللهم أنتم من أحب الناس إليَّ (يعني الأنصار)) [مسلم].
التزيٌّن ليلة العُرْس:
يحسن بالمرأة أن تتزين ليلة عرسها، إظهارًا للسعادة، وترغيبًا لزوجها فيها، فقد ورد أن أم السيدة عائشة زينتها ليلة زفافها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فعهدتْ بها إلى بعض نساء الأنصار فغسَّلْنَ رأسها [مسلم]. وعن عائشة
وأم سلمة -رضي الله عنهما- قالتا: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجهز فاطمة حتى يُدخلها على عَلِيّ)_[ابن ماجه].
ويجوز للمرأة أن تستعير من أخواتها المسلمات ما تتخذه للزينة، كالثياب والحليّ، فقد استعارت السيدة عائشة -يوم عرسها- قلادة (عقدًا) من أختها أسماء -رضي الله عنهما- [البخاري]. على أن يراعى أن لا تظهر العروس زينتها إلا لذي محرم عند الزفاف، وعلى الرجل -أيضًا- أن يتزين لزوجته، ليظهر في يوم عرسه نظيفًا جميلاً متعطرًا، حسن الهيئة والثياب. قال ابن عباس
-رضي الله عنهما-: إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي.
وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- وعليه أثر صفرة (وهي لون أصفر من نبات الزعفران له رائحة طيبة)، فقال له: (ما هذا؟). فأخبره أنه قد تزوج. [مسلم].
إنما جعلتْ العقود في الشريعة الإسلامية لضبط العلاقات بين الناس، وحفظ الحقوق المترتبة عليها، وحتى يكون هناك يقين من تحقق الرضا، وانتفاء الغش والغرور والخداع، وعلى هذا فإن عقد الزواج هو اتفاق بين رجل وولي المرأة على الزواج، وبه يحل لكل من الرجل والمرأة كل ما كان محرمًا
عليهما -مما يتعلق بالزواج- من قبل.
وللعقد ركنان أساسيان يجب توافرهما لصحة الزواج، وهما: الإيجاب والقبول. والإيجاب: هو تعبير الطرف الأول عن رغبته في إنشاء الصلة الزوجية. والقبول: هو موافقة الطرف الآخر على هذا الزواج. فالزواج ينعقد بلفظين يعبر بهما عن الماضي والمستقبل، كأن يقول الرجل: زوجني ابنتك فلانة. فيقول الولي: زوجتك إياها، أو يقول الولي: زوجتك ابنتي فلانة، فيقول الآخر: قبلتُ زواجها.
ولأن الإسلام دين عالمي، يراعي كل البيئات والأجناس والأحوال، فإن العقد ينعقد بأية لغة مادام يفهمها كل من المتعاقدين والشهود. كما أن الذي لا يستطيع الكلام يمكنه الكتابة أو حتى التعبير بالإشارة المفهومة، وحفاظًا على طرفي العقد (الرجل والمرأة)، وحرصًا على حقوق كل منهما، فقد اشترطت الشريعة الإسلامية بعض الشروط لصحة عقد الزواج، هي:
1- ولي المرأة: وهو من يتولى شأنها وشأن تزويجها، وقد يكون الوالد أو الأخ أو من في حكمهما من الأقارب، (من ناحية الأب، إذا لم يوجد الأب أو الأخ) ممن يسعى لمصلحة موكلته، ويحرص على سعادتها. قال صلى الله عليه وسلم : (لا نكاح إلا بولي، وأيما امرأة تزوجتْ بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فإن لم يكن لها ولي، فالسلطان ولي من لا ولي له) [أبو داود].
وفي اشتراط الولي إعزاز للمرأة، وتقدير لها، وصون لحيائها عن مباشرة عقد الزواج بنفسها، وقد تحكِّم المرأة عاطفتها في أمر الزواج بمن يعرض عليها حبه والرغبة فيها، أما الولي فإنه يفحص الرجل، ويتحقق من حاله، ويتأكد من كفاءته لموكلته، ولذلك فقد رأى بعض الفقهاء أنه يحق للولي أن ينقض عقد الزواج إذا زوجت المرأة نفسها بغير كفء.
2- رضا كل من الرجل والمرأة بالزواج والارتباط: فلا يصح العقد بإكراه أي منهما على الزواج، ولذا فلا يجوز للولي أن يُكره موكِّلته على الزواج، قال صلى الله عليه وسلم: (لا تنكح الأيم حتى تُستأمر، ولاالبكر حتى تُستأذن) قالوا: يا رسول الله. وكيف إذنها ؟ قال: (أن تسكتْ) [الجماعة].
وعن بريدة -رضي الله عنه- قال: جاءتْ فتاة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن أبى زوَّجني ابن أخيه ليرفع بي خسيسته. قال: فجعل الأمر إليها. فقالت: قد أجزتُ ما صنع أبي، ولكن أردتُ أن أُعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الأمر شيء [ابن ماجه]. وهكذا يكرم الإسلام المرأة ويرفض إكراهها على الزواج.
3- الإشهاد على الزواج: وتتحقق الشهادة برجلين مسلمين عاقلين بالغين يتصفان بالعدالة والأمانة، ولا تجوز شهادة النساء عند بعض الفقهاء. قال صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل، وما كان من نكاح على غير ذلك فهو باطل)_[الترمذي]. وعلى الشاهدين أن يستمعا إلى كلام العاقدين، ويتحققا من صحته. وفي الشهادة تكريم للزواج، وتفرقة بين الحلال والحرام، ودفع لمقالات السوء عن هذه الحياة الزوجية الناشئة.
وهذا نوع من توثيق الحقوق وحفظها، وأما كتابة عقد الزواج، وتوثيقه في المحكمة، فهذا مما استحدث لتأكيد حقوق الزوجية؛ حتى لا يأتي الزوج يومًا وينكر زواجه؛ رغبة في كيد زوجته والتخلي عنها، فمن الناس من انعدمت الأخلاق عنده، ومنهم من لا دين له.
4- أن تكون صيغة العقد مؤبدة: غير مؤقتة بزمن، وهذا التأبيد فيه قيام مصلحة الحياة الاجتماعية، فالأسرة التي ستنشأ تحتاج إلى استقرار العيش وديمومته، أما تأقيت العقد فيجعل كلا الطرفين غير مستقر، فلا تدوم العشرة بينهما،ولهذا فإن نكاح المتعة باطل، ومحرم شرعًا؛ لأنه مؤقت بزمن معين. كما يشترط في صيغة العقد أن تكون مُنجزة غير معلَّقة على شرط يمنع انعقاد العقد، كأن يقول الولي: زوجتك ابنتي، فيقول الآخر: قبلت زواجها إذا تسلمتُ وظيفتي، فذلك يبطل العقد.
5- ألا تكون المرأة مُحرََّمة على الرجل .
الشروط المقترنة بالعقد:
يجوز للمرأة أن تشترط على زوجها شروطًا في العقد، وعليه الوفاء بها، فالمسلمون على شروطهم إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرم حلالا. قال صلى الله عليه وسلم: (أحق الشروط أن يُوفى به ما استحللتم به الفروج) [متفق عليه]. فلها أن تشترط عليه أن يهيئ لها بيتًا مناسبًا. بينما لا يجوز لها أن تشترط شرطًا يسقط حقًّا من حقوق الزوج، كأن تشترط عليه ألا يجامعها، فترهقه، وتحرمه من الولد.
إعلان النكاح وما يباح فيه من الغناء:
رغَّب الشرع في إعلان الزواج؛ ليختلف عن نكاح السر المحرم، وحتى يعلم القريب والبعيد، وليكون ترغيبًا لسائر الشباب في الزواج. قال صلى الله عليه وسلم: (أعلنوا النكاح) [أحمد، والحاكم].
وفي بعض المجتمعات يتم العقد في المساجد عقب إحدى الصلوات؛ حيث يكون الناس متوضئين، ولعل دعواتهم للزوجين تقبل عند الله -عز وجل- ويجب ألا يسيء ذلك إلى المسجد ووقاره وآدابه؛ كأن ترتفع الأصوات أو غير ذلك. ويجوز الغناء للعروسين، بشرط ألا يكون الغناء مثيرًا للغرائز والشهوات، وأن لا يختلط الرجال بالنساء، فتغنى المرأة للنساء، والرجل للرجال، وأن لا يكون في المقام ما حُرِّم، كشرب الخمر، أو ميوعة المغنى، فعن عامر بن سعد -رضي الله عنه- قال: دخلتُ على قرظة بن كعب، وأبى مسعود الأنصاري في عرس، وإذا جوارٍ يغنين، فقلتُ: أنتما صاحبا رسول الله ومن أهل بدر يُفعل هذا عندكما؟! فقالا: إن شئت فاسمع معنا، وإن شئتَ فاذهب. قد رُخِّص لنا في اللهو عند العرس. [النسائي، والحاكم ].
الزَّفَّاف:
حفلة الزفاف إظهار للسعادة والفرح بالعرس، وفيها زيادة إعلان بالزواج، ويجوز الغناء واللهو المباح فيها. فقد زفَّت السيدة عائشة -رضي الله عنها- الفارعة بنت أسعد -رضي الله عنها- وسارت معها في زفافها إلى بيت زوجها نبيط بن جابر الأنصاري، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(يا عائشة، ما كان معكم لهو؟! فإن الأنصار يعجبهم اللهو)_[البخاري].
وفي رواية أنه قال: (فهل بعثتم معها جارية تضرب بالدف، وتغني؟) قالت عائشة: تقول ماذا يا رسول الله ؟ قال: تقول:
أتيناكـم أتيناكـــم فحيونـــا نحييكــــم
ولولا الذهب الأحمــر ما حلَّتْ بواديكــــــم
ولولا الحنطة السمــراء ما سمنت عذاريكـــــم
وقد أباح الشرع استخدام الدف في العُرس، قال صلى الله عليه وسلم: (فصل ما بين الحلال والحرام: ضرب الدف، و الصوت في النكاح)
[الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والحاكم].
أما ما يفعله بعض الناس من إقامة السرادقات، وجلب المطربين والراقصات، وشرب المسكرات، واختلاط الرجال بالنساء، والفتيات بالفتيان اختلاطًا فاحشًا، وجلوس الرجل بجوار عروسه المزينة، والناس ينظرون إليها، فتلك أمور لا يقرها الشرع، ولا يعترف بها، وحرمها، وأمر بالبعد عنها. وعلى من يحضر عرسًا كهذا أن ينكر على أهله هذا الأمر بالحكمة والموعظة، فإن رأى أنه سَيَعْجَزُ عن إنكار المنكر، فليعتزل هذا العرس.
دعوة الأهل والإخوان لحضور العرس والوليمة:
على المسلمة أن تحرص على دعوة الأهل والأصدقاء لحضور عرسها، لما في ذلك من تقوية أواصر الصداقة والمحبة، ودعم روح الألفة والتعاون بين أفراد المجتمع. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بإجابة الدعوة إلى العُرْس، فيقول صلى الله عليه وسلم: (أجيبوا هذه الدعوة إذا دعيتُم لها)_متفق عليه] .كما أمر بإجابة الدعوة إلى الوليمة، فقال: (إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليأتها) [البخاري]. ووليمة العرس سنة مؤكدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيها إظهار لروح السعادة والبهجة بالزواج، وتستحب الوليمة قبل البناء أو بعده. وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- أن يعد وليمة لإخوانه لما علم بزواجه، فقال له: (أوْلِمْ ولو بشاة). [مسلم].
ويجب على المسلم أن لا يهمل دعوة الفقراء إلى وليمته التي دعا إليها الأغنياء؛ دعمًا لروح التعاون والأخوة في المجتمع المسلم، فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من دعوة الأغنياء دون الفقراء، فعن أبى هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: (شرُّ الطعام طعام الوليمة، يُدْعَى لها الأغنياء، ويترك الفقراء، ومن ترك الدعوة فقد عصى اللَّه ورسوله صلى الله عليه وسلم ) [البخاري].
وقد أجاب النبي صلى الله عليه وسلم الدعوة إلى عُرْس أبي أسيد الساعدي، وشرب منقوع التمر. [البخاري]. ويستحب ذهاب النساء والصبيان إلى العُرْس، على أن تجتنب النساء الاختلاط الفاسد بالرجال؛ فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صبيانًا مُقبلين من عُرْس، فقام مُمثلا (قائمًا)، فقال: (اللهم أنتم من أحبِّ الناس إِلَيَّ.. اللهم أنتم من أحب الناس إليَّ (يعني الأنصار)) [مسلم].
التزيٌّن ليلة العُرْس:
يحسن بالمرأة أن تتزين ليلة عرسها، إظهارًا للسعادة، وترغيبًا لزوجها فيها، فقد ورد أن أم السيدة عائشة زينتها ليلة زفافها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فعهدتْ بها إلى بعض نساء الأنصار فغسَّلْنَ رأسها [مسلم]. وعن عائشة
وأم سلمة -رضي الله عنهما- قالتا: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجهز فاطمة حتى يُدخلها على عَلِيّ)_[ابن ماجه].
ويجوز للمرأة أن تستعير من أخواتها المسلمات ما تتخذه للزينة، كالثياب والحليّ، فقد استعارت السيدة عائشة -يوم عرسها- قلادة (عقدًا) من أختها أسماء -رضي الله عنهما- [البخاري]. على أن يراعى أن لا تظهر العروس زينتها إلا لذي محرم عند الزفاف، وعلى الرجل -أيضًا- أن يتزين لزوجته، ليظهر في يوم عرسه نظيفًا جميلاً متعطرًا، حسن الهيئة والثياب. قال ابن عباس
-رضي الله عنهما-: إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي.
وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- وعليه أثر صفرة (وهي لون أصفر من نبات الزعفران له رائحة طيبة)، فقال له: (ما هذا؟). فأخبره أنه قد تزوج. [مسلم].