استعـــلاء قارون على قومه
قال تعالى: (( إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (78)سورة القصص
يروي لنا القرآن قصة قارون، وهو من قوم موسى. لكن القرآن لا يحدد زمن القصة ولا مكانها. فهل وقعت هذه القصة وبنو إسرائيل وموسى في مصر قبل الخروج؟ أو وقعت بعد الخروج في حياة موسى؟ أم وقعت في بني إسرائيل من بعد موسى؟ وبعيدا عن الروايات المختلفة، نورد القصة كما ذكرها القرآن الكريم.
يحدثنا الله عن كنوز قارون فيقول سبحانه وتعالى إن مفاتيح الحجرات التي تضم الكنوز، كان يصعب حملها على مجموعة من الرجال الأشداء. ولو عرفنا عن مفاتيح الكنوز هذه الحال، فكيف كانت الكنوز ذاتها؟! لكن قارون بغى على قومه بعد أن آتاه الله الثراء. ولا يذكر القرآن فيم كان البغي، ليدعه مجهلا يشمل شتى الصور. فربما بغى عليهم بظلمهم وغصبهم أرضهم وأشياءهم. وربما بغى عليهم بحرمانهم حقهم في ذلك المال. حق الفقراء في أموال الأغنياء. وربما بغى عليهم بغير هذه الأسباب.
ولما رأى قوم قارون بغيه وتعاليه, نصحوه بالابتعاد عن الفرح بهذه الثروة الهائله والمقصود بالفرح المنهي عنه هنا هو البطر والترف والتباهي والتعالي على الناس ونصحوه ان يتعلق قلبه بالاخرة لا بالدنيا وبجمع المال دون ان يعني ذلك تحريم التمتع بطيبات الدنيا باعتدال وان يقابل احسان الله عليه بهذه الثروة الهائله بالاحسان في انفاقها على الضعفاء والمحرومين من الفقراء لا في الافساد والتخريب والظلم ونشر الرذيله
ورفض قارون نصيحه قومه ورد بتعال قائلا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي اي انني جمعت هذه بمثابرتي وجهدي وكفاءتي فلا فضل لاحد علي فيها ومن حقي ان اتصرف فيها بالطريقة التي احبها غافلا ان الله تعالى الذي اتاه هذه الثروه قادر على ان يهلكه وثروته اهلاكا سريعا
ونخلص من هذه الايات إلى العبر الاتيه
1_ المال والجاه والسلطان يدفع بالنفوس المريضه الى البغي والطغيان والتعالي على الناس
2_المال نعمة من الله تعالى يبتلي بها عباده فينبغى عليهم ان يشكروا هذه النعمه ولا يكفروها
3_ضروره التوازن والاعتدال في انفاق المال فننفق منه جزءا ابتغاء ثواب الله في الاخره وننفق جزءا اخر على انفسنا وأهلنا في الطيبات بعيدا عن الترف والبذخ ومفاخره الناس والافساد في الارض
4_ضروره التواضع مع الله سبحانه فننسب كل نعمه وفضل فينا إليه ولا نغتر بأنفسنا وجهدنا الخاص
تميز المؤمنين بالموازين والقيم الصالحه
فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80)سورة القصص
وخرج قارون ذات يوم على قومه، بكامل زينته، فطارت قلوب بعض القوم، وتمنوا أن لديهم مثل ما أوتي قارون، وأحسوا أنه في نعمة كبيرة. فرد عليهم من سمعهم من أهل العلم والإيمان: ويلكم أيها المخدوعون، احذروا الفتنة، واتقوا الله، واعلموا أن ثواب الله خير من هذه الزينة، وما عند الله خير مما عند قارون فهم يعلمون ان نعيم الدنيا ضئيل وزائل امام ما اعده الله لعباده المؤمنين الصاحلين الصابرين في الاخره
ونخلص من هذه الايات العبر الاتيه
1_ قد يكون انعام الله بالمال والجاه والسلطان على بعض الناس سببا في اغترارهم وتفاخرهم وتعاليهم على الناس
2_قيمة الانسان الحقيقي في إيمانه وصلاحه وعلمه لا فيما يملكه من مال وجاه وسلطان
3_تميز أهل الإيمان والعلم عن غيرهم في معاييرهم وقيمهم التي ينظرون بها الى الاشياء فلا يشعرون بالتلهف والهوان والنقص امام من هم اكثر منهم مالا بل يقنعون بما قسم الله لهم املا في نعيم الاخره العظيم
إهلاك الله لقارون
فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ (81) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (82) تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين َ))سورة القصص
وعندما تبلغ فتنة الزينة ذروتها، وتتهافت أمامها النفوس وتتهاوى، تتدخل القدرة الإلهية لتضع حدا للفتنة، وترحم الناس الضعاف من إغراءها، وتحطم الغرور والكبرياء، فيجيء العقاب حاسما (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ) سورة القصص هكذا في لمحة خاطفة ابتلعته الأرض وابتلعت داره. وذهب ضعيفا عاجزا، لا ينصره أحد، ولا ينتصر بجاه أو مال.
وبدأ الناس يتحدثون إلى بعضهم البعض في دهشة وعجب واعتبار. فقال الذين كانوا يتمنون أن عندهم مال قارون وسلطانه وزينته وحظه في الدنيا: حقا إن الله تعالى يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويوسع عليهم، أو يقبض ذلك، فالحمد لله أن منّ علينا فحفظنا من الخسف والعذاب الأليم. إنا تبنا إليك سبحانك، فلك الحمد في الأولى والآخرة.
ونخلص من هذه الايات إلى العبر الاتيه
1_لله سبحانه حكمة بالغه في توزيع الرزق بين الناس فهو الخبير بالنفوس وما هو خير لها
2_إن مفاضله الله تعالى بين الناس في الرزق لاتدل بالضروره على فضل الغني عند الله اذ الفضل عند الله بالايمان والعمل الصالح
3_مهما علا وافسد المجرمون في الارض فذلك إلى وقت محدود ثم تكون نهايتهم المأساويه المحتومه وتولية المتقين ورفعهم
فــوائــد
***كثر في القصة حرف على (فَبَغَى عَلَيْهِمْ ),(عَلَى عِلْمٍ عِندِي ),(فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ) سورة القصص وذلك أنه حرف يفيد الاستعلاء تصويرا لما اتصف به قارون من استعلاء وتعال على قومه بماله ولذلك ختمت القصة بقوله ( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين )سورة القصص
***يلاحظ ان قارون استخدم الفعل المبني للمجهول في قوله (أُوتِيتُهُ )سورة القصص مبالغة منه في الاعتداد بنفسه والاغترار بثروته حتى انه لم يذكر اسم الله تعالى الذى اتاه هذه الثروة
***يلاحظ ان قارون نسب العلم الى نفسه ( قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي )سورة القصصبينما نسب الله العلم إلى المؤمنين (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ )سورة القصص الذين لم ينبهرو بثروة قارون ليدلنا على ان العلم الحقيقي هو الذى يدفع صاحبه الى التواضع والعمل الصالح لا التاعلي والافساد في الارض
***قال الذين يريدون الحياة الدنيا بعد أن رأوا الخسف (لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا)سورة القصص فعبروا عن حرمان الله لهم من ثروة كثروة قارون بانها منَّه من الله تعالى مع ان التعبير بالمنه معهود في الاعطاء لا في الحرمان وسبب هذا التعبير بيان حكمة الله سبحانه وتعالى الثي قد تخفى علينا فنظن ان إعطاء الله منه وحرمانه نقمه مع ان الامر قد يكون في حقيقته غير ذلك
***ذكر الله الدار المخسوفه في قوله (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ) سورة القصص وذكر الدار الاخرة في قوله ( وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ)سورة القصص وقوله ( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين )سورة القصص وذلك مقابلة ومقارنة بين الدار الفانية والدار الباقيه
قال تعالى: (( إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (78)سورة القصص
يروي لنا القرآن قصة قارون، وهو من قوم موسى. لكن القرآن لا يحدد زمن القصة ولا مكانها. فهل وقعت هذه القصة وبنو إسرائيل وموسى في مصر قبل الخروج؟ أو وقعت بعد الخروج في حياة موسى؟ أم وقعت في بني إسرائيل من بعد موسى؟ وبعيدا عن الروايات المختلفة، نورد القصة كما ذكرها القرآن الكريم.
يحدثنا الله عن كنوز قارون فيقول سبحانه وتعالى إن مفاتيح الحجرات التي تضم الكنوز، كان يصعب حملها على مجموعة من الرجال الأشداء. ولو عرفنا عن مفاتيح الكنوز هذه الحال، فكيف كانت الكنوز ذاتها؟! لكن قارون بغى على قومه بعد أن آتاه الله الثراء. ولا يذكر القرآن فيم كان البغي، ليدعه مجهلا يشمل شتى الصور. فربما بغى عليهم بظلمهم وغصبهم أرضهم وأشياءهم. وربما بغى عليهم بحرمانهم حقهم في ذلك المال. حق الفقراء في أموال الأغنياء. وربما بغى عليهم بغير هذه الأسباب.
ولما رأى قوم قارون بغيه وتعاليه, نصحوه بالابتعاد عن الفرح بهذه الثروة الهائله والمقصود بالفرح المنهي عنه هنا هو البطر والترف والتباهي والتعالي على الناس ونصحوه ان يتعلق قلبه بالاخرة لا بالدنيا وبجمع المال دون ان يعني ذلك تحريم التمتع بطيبات الدنيا باعتدال وان يقابل احسان الله عليه بهذه الثروة الهائله بالاحسان في انفاقها على الضعفاء والمحرومين من الفقراء لا في الافساد والتخريب والظلم ونشر الرذيله
ورفض قارون نصيحه قومه ورد بتعال قائلا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي اي انني جمعت هذه بمثابرتي وجهدي وكفاءتي فلا فضل لاحد علي فيها ومن حقي ان اتصرف فيها بالطريقة التي احبها غافلا ان الله تعالى الذي اتاه هذه الثروه قادر على ان يهلكه وثروته اهلاكا سريعا
ونخلص من هذه الايات إلى العبر الاتيه
1_ المال والجاه والسلطان يدفع بالنفوس المريضه الى البغي والطغيان والتعالي على الناس
2_المال نعمة من الله تعالى يبتلي بها عباده فينبغى عليهم ان يشكروا هذه النعمه ولا يكفروها
3_ضروره التوازن والاعتدال في انفاق المال فننفق منه جزءا ابتغاء ثواب الله في الاخره وننفق جزءا اخر على انفسنا وأهلنا في الطيبات بعيدا عن الترف والبذخ ومفاخره الناس والافساد في الارض
4_ضروره التواضع مع الله سبحانه فننسب كل نعمه وفضل فينا إليه ولا نغتر بأنفسنا وجهدنا الخاص
تميز المؤمنين بالموازين والقيم الصالحه
فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80)سورة القصص
وخرج قارون ذات يوم على قومه، بكامل زينته، فطارت قلوب بعض القوم، وتمنوا أن لديهم مثل ما أوتي قارون، وأحسوا أنه في نعمة كبيرة. فرد عليهم من سمعهم من أهل العلم والإيمان: ويلكم أيها المخدوعون، احذروا الفتنة، واتقوا الله، واعلموا أن ثواب الله خير من هذه الزينة، وما عند الله خير مما عند قارون فهم يعلمون ان نعيم الدنيا ضئيل وزائل امام ما اعده الله لعباده المؤمنين الصاحلين الصابرين في الاخره
ونخلص من هذه الايات العبر الاتيه
1_ قد يكون انعام الله بالمال والجاه والسلطان على بعض الناس سببا في اغترارهم وتفاخرهم وتعاليهم على الناس
2_قيمة الانسان الحقيقي في إيمانه وصلاحه وعلمه لا فيما يملكه من مال وجاه وسلطان
3_تميز أهل الإيمان والعلم عن غيرهم في معاييرهم وقيمهم التي ينظرون بها الى الاشياء فلا يشعرون بالتلهف والهوان والنقص امام من هم اكثر منهم مالا بل يقنعون بما قسم الله لهم املا في نعيم الاخره العظيم
إهلاك الله لقارون
فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ (81) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (82) تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين َ))سورة القصص
وعندما تبلغ فتنة الزينة ذروتها، وتتهافت أمامها النفوس وتتهاوى، تتدخل القدرة الإلهية لتضع حدا للفتنة، وترحم الناس الضعاف من إغراءها، وتحطم الغرور والكبرياء، فيجيء العقاب حاسما (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ) سورة القصص هكذا في لمحة خاطفة ابتلعته الأرض وابتلعت داره. وذهب ضعيفا عاجزا، لا ينصره أحد، ولا ينتصر بجاه أو مال.
وبدأ الناس يتحدثون إلى بعضهم البعض في دهشة وعجب واعتبار. فقال الذين كانوا يتمنون أن عندهم مال قارون وسلطانه وزينته وحظه في الدنيا: حقا إن الله تعالى يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويوسع عليهم، أو يقبض ذلك، فالحمد لله أن منّ علينا فحفظنا من الخسف والعذاب الأليم. إنا تبنا إليك سبحانك، فلك الحمد في الأولى والآخرة.
ونخلص من هذه الايات إلى العبر الاتيه
1_لله سبحانه حكمة بالغه في توزيع الرزق بين الناس فهو الخبير بالنفوس وما هو خير لها
2_إن مفاضله الله تعالى بين الناس في الرزق لاتدل بالضروره على فضل الغني عند الله اذ الفضل عند الله بالايمان والعمل الصالح
3_مهما علا وافسد المجرمون في الارض فذلك إلى وقت محدود ثم تكون نهايتهم المأساويه المحتومه وتولية المتقين ورفعهم
فــوائــد
***كثر في القصة حرف على (فَبَغَى عَلَيْهِمْ ),(عَلَى عِلْمٍ عِندِي ),(فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ) سورة القصص وذلك أنه حرف يفيد الاستعلاء تصويرا لما اتصف به قارون من استعلاء وتعال على قومه بماله ولذلك ختمت القصة بقوله ( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين )سورة القصص
***يلاحظ ان قارون استخدم الفعل المبني للمجهول في قوله (أُوتِيتُهُ )سورة القصص مبالغة منه في الاعتداد بنفسه والاغترار بثروته حتى انه لم يذكر اسم الله تعالى الذى اتاه هذه الثروة
***يلاحظ ان قارون نسب العلم الى نفسه ( قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي )سورة القصصبينما نسب الله العلم إلى المؤمنين (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ )سورة القصص الذين لم ينبهرو بثروة قارون ليدلنا على ان العلم الحقيقي هو الذى يدفع صاحبه الى التواضع والعمل الصالح لا التاعلي والافساد في الارض
***قال الذين يريدون الحياة الدنيا بعد أن رأوا الخسف (لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا)سورة القصص فعبروا عن حرمان الله لهم من ثروة كثروة قارون بانها منَّه من الله تعالى مع ان التعبير بالمنه معهود في الاعطاء لا في الحرمان وسبب هذا التعبير بيان حكمة الله سبحانه وتعالى الثي قد تخفى علينا فنظن ان إعطاء الله منه وحرمانه نقمه مع ان الامر قد يكون في حقيقته غير ذلك
***ذكر الله الدار المخسوفه في قوله (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ) سورة القصص وذكر الدار الاخرة في قوله ( وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ)سورة القصص وقوله ( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين )سورة القصص وذلك مقابلة ومقارنة بين الدار الفانية والدار الباقيه